برق برقان صاحب المنتدى
عدد الرسائل : 109 منين أنت ؟؟؟ : منب معلمكم... المزاج يابو : 100% مـــستانس كيف تعرفت لهذا المنتدى..؟؟ : آخر تاريخ التسجيل : 05/09/2008
| موضوع: رقـعـة الـشـطـرنـج .. للشيخ حسين بن محمود .. موضوع رائع 2008-09-05, 10:07 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
رقعة الشطرنج
الحمد لله الواحد القهّار الكبير المتعال الذي بيده مقادير الأمور المعزّ المُذِلّ السميع البصير ، ثم الصلاة والسلام على المبعوث بين يدي الساعة بالحُسام نبي الرحمة والملحمة أبا القاسم المأمور بقتال الناس حتى يؤمنوا بالفرد الصمد الذي لم يولد ولم يتخذ صاحبة ولا ولَد ..
أما بعد ..
لمّا أرادت قوى الغرب النصرانية الكافرة تمزيق بلاد الإسلام : عمدت إلى رجل كافر من أصل يهودي في جيش العثمانيين فأبرزته بحرب مزيّفة انسحبت القوات البريطانية على إثرها من أمامه ليُصبح "كمال" : أبو الترك ، أو "أتاتورك" !! رجع هذا الجندي اليهودي إلى إسلامبول (اسطنبول) فصار قائد تركيا الأعظم ومخلصها في أعين الغوغاء والدهماء ليُقعدوه على سدة الحكم فأُلغى الخلافة الإسلامية والدين الإسلامي واللغة العربية في تركيا التي نسي أهلها الإسلام بعد أن أغرقهم النصارى في القومية الطورانية والتبعيّة النفسيّة ..
ولمعرفة شدّة غباء الناس وبعدهم كل البعد عن النظرة الواقعية المنبثقة من الحقائق الشرعية ، اقرأ ما قاله "أمير الشعراء" شوقي عن هذا اليهودي الكافر :
الله أكبر كم في الفتح من عَجَبِ ... يا خالدَ التُّركِ جَدّد خالدَ العربِ !!
هذا اليهودي الكافر عميل النصارى الإنجليز أصبح في نظر من لا نظر له مجدداً لسيرة أعظم قائد حرب عرفته البشرية بعد الأنبياء : سيف الله أبا سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه !! هكذا دون حياء ودون عقل يُطبّل الناس لكل من هبّ ودبّ دون نظر في عقيدة أو حقيقة ، وهذا ما يحصل اليوم للمطبلين لحكّام يوالون أعداء الله ويعادون أولياء الله ويحكمون بغير شرع الله ويحاربون دين الله : فهذا خادم الحرمين وهذا أمير المؤمنين وهذا الفاتح المُقدَّم وهذا القائد المُلهم وهذا السلطان المفدّى وذاك الملك المعظّم :
ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ
تقاسم الإنجليز والفرنسيين معظم العالم الإسلامي لتُصبح فلسطين تحت الإحتلال البريطاني الذي سُمّي "إنتداباً" مراعاة لشعور المسلمين !! وكأن المشكلة في المصطلح وليس في القتل والتدمير وهتك الأعراض وسرقة الأموال !! هكذا تنطلي على بعض الحمقى والمغفّلين هذه التفاهات التي هي في الحقيقة أكبر من أن تعيها عقولهم الميكروسكوبية ، ولا زالت هذه التفاهات تنطلي على البعض رغم ادعاء الناس بأننا في عصر المعلومات ، فيلعب العدو بالمصطلحات ليصدقه من لا عقل له !!
طلب اليهود من الإنجليز ومن الأمريكان توفير بقعة أرض لهم ليعيشوا فيها بسلام بعد أن كرههم كل من جاورهم من شعوب الأرض لخستهم ودنائتهم وحقارتهم وخبثهم وقذارتهم ، وكانوا يريدون وطناً في أوروبا أو أمريكا ، ولم يخطر ببالهم أن يكون الوطن "فلسطين" حتى بدأ "تيودور هرتزل" اليهودي بنشر هذه الفكرة التي استحسنها بعض يهود وفزع منها أكثرهم كون فلسطين تقع في قلب العالم الإسلامي ، ولكن بريطانيا ما كانت لتحيد عن هذه الفكرة التي تحقق لها الكثير من المقاصد والمصالح فضلاً عن بغضها الشديد للمسلمين وعدائها القديم لهم ... فكان وعد "بلفور" ..
لقد تدرّب اليهود في الجيش البريطاني وجيوش الحلفاء في الحرب العالمية تمهيداً لدخول فلسطين التي ترك أهلها الجهاد واشتغلوا بالزراعة واتّباع أذناب البقر ، فدخلها اليهود وأخذوها من المسلمين الذين اشترت بريطانيا ضمائر حكامهم - قبل ذلك - بالكراسي والمناصب وجزء من ثروات بلاد المسلمين (والجزء الأكبر كانت تأخذه بريطانيا وفرنسا ، والآن أمريكا) ، فبريطانيا قبل أن تحرّك اليهود : حرّكت الدُّما ..
دخل اليهود فلسطين وأمعنوا في أهلها القتل والتعذيب ليخرج من رحم تلك المعاناة جيل مجاهد قوي من أبناء المسرى تصدّوا لأبناء القردة ، وخرج جند الكنانة وجند الشام من عرينهم لينقضّوا على أبناء الخنازير ، فما كان من بريطانيا إلا أن أوحت إلى عملائها الحكام بإفتعال حرب مع اليهود لتسحب البساط من تحت أرجل الشعوب الغاضبة بدعوى تنظيم وترتيب الجهود ، فسحب الحكّام أسلحة المجاهدين وتركوهم غنيمة ليهود في فلسطين ..
كلما قام للجهاد سوق في فلسطين ، وكلما استيقظ بعض أهلها واستنشقوا هواء الحرّية للحظات : تُقام المؤتمرات الحكومية والإجتماعات الوزاريّة في الدول العربية بدعوى : تبنّي خيار المقاومة المشروعة ، والنضال القومي العربي ، وحق الدفاع عن النفس لتتحول بعدها الرصاصات إلى قصاصات ورق في مخازن منظمة المؤتمر الإسلامي أو منظمة الدول العربية ، ويهتف الجميع : تحيا القضية ، تحيا القضية ، ثم تُقام الحفلات وترقص النساء عاريات أمام الرجال وتُدار الكؤوس ليسكر الناس بإسم القضية الفلسطينية !!
هذا ما أخرج الشيخ المجاهد عبد الله عزام - رحمه الله - من فلسطين : فقد قاتل – رحمه الله – اليهود ، ورأى بعينه كيف نزع الجيش الأردني - بقيادة قائد بريطاني - السلاح من أيدي الفلسطينيين وتركهم عراة في مواجهة اليهود المدججين بالسلاح البريطاني الأمريكي !! خرج ومعه ثُلّة مؤمنة ليحبس ذلك الغيظ والحنق في قلبه ، ليس على يهود ، ولكن على حكام العرب الذين خانوا الله وخانوا دينه وخانوا المؤمنين وخانوا المستضعفين مقابل كراسي زائلة ودنيا فانية !!
ذهب إلى جزيرة العرب ومهبط الوحي وكأنه يشكوا رمالها - التي وطأتها أرجل الصحابة – حال أمتهم من بعدهم ، كأني به – رحمه الله – جالس في روضة المسجد النبوي ينظر إلى ذلكم المسجّى في قبره – صلى الله عليه وسلم – وإلى صاحبَيْه وقد خانته الكلمات ، وخنقته العبرات يُقلّب بصره فلا يجد من الأحياء من يُفضي له ، فيخاطب الفاروق بكلّ أدب وحسرة قائلاًً : سيّدي عمر ، لقد أضاع المسلمون فلسطين التي فتحتها أنت وأصحابك .. لقد باع فلسطين من تسلّط على رقاب المسلمين ويحكمهم وهو بجوارك !! أليست لك صحوة يابن الخطّاب !! ثم يتذكّر الشيخ حال حكّام المسلمين فيرد طرفه إلى القبر ليقول : لا ترجع يا عمر ، فوالله لو رجعت لباعك هؤلاء للنصارى بثمن بخس دراهم معدودات وكانوا فيك من الزاهدين !! ثم يحلّق الشيخ بقلبه في السماء ليشكوا بثّه وحزنه إلى الله ..
في هذه الفترة العصيبة من حياة هذا المسلم الحزين ، أتت أخبار عن نقع وغبار من مكان بعيد : في بلاد خراسان .. قوم من أهلها نفضوا غبار الذلّ عن أكتافهم وأعلنوا الجهاد يقودهم علمائهم !! لم يصدّق الشيخ عزام نفسه !! علماء يقودون جهاد في وقتنا هذا !! أيقن بالخبر فطار إلى خراسان يسابق جسده قلبُه حتى كان على حدودها ، فزاد يقينه ، وما ملكت رجلاه إلّا أن دخلت تلك الأرض الأبيّة ، وما التفت بعدها للدنيا إلّا مرّة واحدة بعد دخوله أرض الجهاد بقليل ليقول لها : أنتِ طالق ، أنتِ طالق ، أنتِ طالقٌ طلاقاً لا رجعة فيه ..
هناك في أفغانستان سمع عزام الرشّاش يُغرّد ، ورأى القنابل تُزيّن ظلمة الليل ، وشاهد الدبّابات تتراقص فتذكّر أيام شبابه يوم أن كان مجاهداً في فلسطين ، هناك رأى رجالاً يركبون الحمير ، ويشربون اللبن ، ويأكلون الضأن ، ويلبسون الصوف ، ويعتمّون بالعمائم ، ويُطلقون اللحى ، ويعتلون الجبال ، ويسكنون الطين ، ويحملون السلاح ، ويُكبّرون الله ، ويقتلون الكفّار : لا تأخذهم في الله لومة لائم !! هنا سأل عزاتم نفسه : أحقاً أنا في القرن العشرين !! هل يُعقل أن يكون هؤلاء من أبناء هذا الوقت !!
شعب دعائمه الجماجم والدم ... تتحطم الدنيا ولا يتحطم
نظر عزام - رحمه الله – بعينه الثاقبة وبفطرته النورانية فأدرك سرّ الأمر : إنها البيئة التي عاش فيها هؤلاء : بيئة البساطة والفطرة التي لم تشُبها المدنيّة ولا السياسات الدوليّة والمحلّيّة ولا ألاعيب شياطين الإنس الخفيّة ، إنها بيئة مثاليّة لتربية جيل من أبناء المسلمين على العقيدة الصحيحة والفطرة السليمة بعيداً عن البرامج الغنائية والأفلام الخليعة والمسلسلات الهابطة والجرائد الكاذبة والمباريات اللاهية ، بعيداً عن الراقصات والمغنيات والداعرات ، بعيداً عن التلفاز والمذياع وكل ما اخترعه النصارى وجلبه الحكام لصرف شباب الإسلام عن الأمور العظام ، هناك قام عزام وأعلن في الأمة : هلمّوا للعزّة والهمّة ، هلمّوا للجهاد ..
تقاطر الشباب المسلم من أطراف العالم ولبّوا النداء ، وكان لعزام ما أراد : شباب صغير السنّ ، متوقّد النفس ، من صفوة شباب الصحوة الإسلامية ومن أصدقهم قلباً وأعلاهم همّة ، استقبلهم الشيخ ليربيهم على يديه ، فكانت دروس العقيدة ، ودروس الفقه ، ودروس التفسير ، ودروس السيرة ، ودروس التأريخ ، ودروس الجهاد والتضحية .. جيل كامل من خيرة شباب المسلمين تربّى على يد هذا الإمام المجاهد الفقيه الأصولي المجدّد – رحمه الله – لتتحطّم على أيديهم أسطورة الدبّ الأحمر السوفييتي ، ولتَهزِم العقيدة الصلبة الأسلحة الحديثة ، وليصحو العالم النصراني - الذي أعلن انتهاء الحروب الصليبية - على كابوس كبير وأمر خطير : أبناء صحابة محمد – صلى الله عليه وسلم - عادوا من جديد ..
هنا اختلطت رقع الشطرنج ، وكادت الطاولة أن تميد وتسقط جميع القطع التي عليها .. ماذا يفعل الغرب الآن !! آلاف مؤلفة من أبناء المسلمين يحملون السلاح في أفغانستان وعينهم على فلسطين !! لم يكفِ هذا ، بل انتفضت فلسطين على اليهود بقيادة .... من !! أيُعقل هذا !! رجلٌ مُقعد !! بل مشلول شلل شبه كامل !! أشعل الشيخ المجاهد "أحمد ياسين" رحمه الله شرارة الإنتفاضة الأولى ليقلب أبناء القدس وغزّة وجنين الطاولة على رأس أصحابها إيذاناً بإنتهاء حقبة الذُلّ والمسكنة ، وأطلقوها مدوية : الآن حمي الوطيس ..
كانت جبال الهندكوش تزداد طولاً كل يوم وترفع رأسها علّها ترى ما يجري في أرض مسرى نبيّها ، وكانت تُرسل البرقيات إلى أهلها في غزّة شوقاً إلى اللقاء المرتقب ، فكانت كتب الشيخ عبد الله عزام رحمه الله تتلقفها الأيادي - بعد القلوب - في فلسطين وتشتاق إليها أكثر من شوقها للخبز في وقت الحصار !! "آيات الرحمن في جهاد الأفغان" كان هذا الكتاب هو المفضّل عند أبناء فلسطين لأنه يُحدّثهم عن كرامات وبطولات إخوانهم المجاهدين في خراسان : إخوان العقيدة ورفاق درب الجهاد ، وكان الأفغاني في خندقه – والسماء تقذف عليه الحمم لتهتزّ منها الجبال الشامخات – يدعوا الله تعالى بدعائه المعتاد : "اللهم افتح على أيدينا كابل ، ولا تُمتني إلا في فلسطين" ..
هنا وقفت بريطانيا ، وقبلها أمريكا وفرنسا ، وصرخ اليهود : لقد استيقظ المارد من جديد ، اعدلوا الطاولة ، رتبوا القطع ، فكّروا ، تأمّلوا ، ماذا نفعل !! ماذا نفعل ؟ ليس بيننا وبين هؤلاء الإهابيين إلا بعض دول !! فكَّروا وتدبَّروا وتأمَّلوا ثم فكَّروا وتدبَّروا وتأمَّلوا فلم يجدوا قطعة يحرّكوها أفضل من قطعة الإعلام ، ثم ثنّوا بتحريك قطع الحكّام ..
الإرهاب ، الإرهاب ، الإرهاب .. الأفغان العرب ، الأفغان العرب ، الأفغان العرب .. التكفير ، التكفير ، التكفير .. التفجير ، التفجير ، التفجير .. الإنقلاب ، الإنقلاب ، الإنقلاب .. الجهل ، الجهل ، الجهل .. الإفتئات ، الإفتئات ، الإفتئات .. التنطّع ، التنطّع ، التنطّع .. الغلوّ ، الغلوّ ، الغلوّ .. أخذ الإعلام يردد هذه الكلمات لبضع سنوات حتى استقرّت في عقول الناس وترسّخت في الأذهان وانقلب فاتحوا الأمس إلى مجرمي اليوم !!
ثم أتى دور الحكام ، وهو دور لا يقل أهميّة عن الإعلام ، دور الحفاظ على "أمن" و"استقرار" "ومكتسبات" البلاد العربية !! بل تعدّى دورهم إلى الحفاظ على "الدين" من التطرّف والغلو والتنطّع !! أصبح من نحّى الشريعة وحكم بحكم اليهود والنصارى ونشر الإنحلال الخلقي والفاحشة : حامياً لثوابت الدين !! أصبح قاتل المسلمين وساجنهم وسارق ثرواتهم : محافظاً على مكتسبات المسلمين !!
لم تنتهي قطع الشطرنج بعد ، هناك قطعة مهمة في أيدي الصليبيين ، قطعة لها وزن وثقل ، إنها : قطعة العلماء المتسوّلين .. لقد صُدِم أكثر العلماء الصادقين بما حصل ، ولم يكن أي "عالم تسوّل" يجرؤ على النطق ببنت شفة وأسد العلماء على قيد الحياة ، ذاك الأسد الذي إذا زأر على جبال سليمان سُمعَ صدى صوته فوق جبال الروكي بكلورادو الأمريكية .. أراد النصارى تحريك قطعة العلماء ، فأوحوا إلى الحكام بذلك ، ولكن الحكام أحجموا لوجود هذه القلعة الحامية لحمى الثوابت الإسلامية ، فما كان من النصارى إلّا أن فجّروا هذه القلعة ليترجّل مجدد الجهاد على رأس القرن الخامس عشر شيخ المجاهدين "عبد الله عزام" رحمه الله .. عندها خرجت القطط تصول صولة الأسد ..
زُجّ بكثير من الشباب المجاهد في السّجون ، وتشتّت الكثير في بقاع الأرض ، وبقيت قلّة قليلة في بلاد خراسان تائهة بين الأحزاب الأفغانية المتقاتلة على السلطة ، وبحث البعض عن ثغور أخرى فوجدوا ضالتهم في الشيشان وكشمير والفلبين والبوسنة وكوسوفا وبورما والصومال والصين .. تشتت الجيل الأول من المجاهدين ، حتى تحرّكت قطعة على الرقعة بقدر من الله لتقبض على زمام الأمور في أفغانستان .. تلكم هي "طالبان" ..
بقي الجهاد في فلسطين قائما رغم جميع الظروف المحيطة بالمجاهدين فيها ، وكان شموخ الشيخ ياسين ، وإصرار الرنتيسي ودهاء عيّاش وإخوانه حافزا كبيراً – بعد وعد الله – لشباب فلسطين للمضي قدماً في طريق الأنبياء والمؤمنين ، وكانت المرأة الفلسطينية توزّع الحلوى لاستشهاد أبنائها وتَقْبل التهاني ولا ترضى بالتعازي لفقد فلذات أكبادها ، وكان الأطفال يتصدّون للدبابات بصدور عارية في منظر تحدٍّ لم يُرى له مثيل في واقع الحروب ، وكانت كلمات الشيخ ياسين تخالج القلوب ، وكانت همّته تُخجل صناديد الرجال فيتصاغرون أمامه ويسْموا هو ويعْلو بيقينه وجلادته المُحيِّرة للعقول !!
لم يكن الشيخ ياسين بأصغر من عزّام ، ولم يكن ليخرج من الدّنيا بصمت القبور ، فكانت القنبلة الصاروخية التي أحدثت دويّا هائلاً لتقول للدنيا : هذه ميتة العظماء ، فلا نامت أعين الجبناء ..
لقد حسب النصارى واليهود أنهم تخلصوا من مَلِك المسلمين ليُعلنوا انتصارهم في ما ظنوا أنها لعبة يحركون هم أطرافها وفق أهوائهم ومخططاتهم ، ولكن نسي هؤلاء أو تناسوا بأن هذه الأمة الولود لا تعدم الملوك :
إذا مات فينا سيّد قام سيّد .... قَؤول لأقوال الكرام فَعُول
ما كادوا يلتقطون أنفاسهم حتى زأر أسد من أسود الإسلام ليُعلن للنصارى بأن نساء المسلمين لم يعقمن بعد ، وأن في المسلمين رجال ، وأي رجال ..
كانت غضبة لله ، وثأراً لآلاف المجاهدين المضطهدين والأطفال المقتلولين والنساء الأرامل والأمهات والآباء المبتورين في أفغانستان وفلسطين والعراق وفي كل قطر إسلامي حزين .. انتدب للنصارى ثُلّة من أبناء الجهاد ليدكّوا معقل الصليب الأكبر - في هذا العصر - ويكسروا بسيف الإسلام صليب اللئام ليقوم النصارى من غفوتهم قبل أن يستغرقوا في رقدتهم إيذاناً بميلاد جيل جديد من أبناء الجهاد : أبناء عزام العنيد ، الذي ترك وصيته قبل اغتياله ليترجمها ورثته كما أطلقها في حياته "رأس الكفر أمريكا : لا نجوت إن نجَتْ" ..
هـآآه !! مـــن !! كـــيف !! من أين هذا !! من يتجرّأ !! ولكن !! هل هذا معقول !! من يجرؤ أن يفعل هذا "بالقوة العظمى الوحيدة في العالم" !! لا يمكن أن نصدّق هذا !! هذا لا يجرؤ عليه أحد !! ليس في العالم أحد يجرؤ على مثل هذا !!
مهلاً .... ليس في الأرض رجل يجرؤ على مثل هذا غير شخص واحد فقط .. لا يمكن أن يوجد في الأرض من يمتلك مثل هذه الرجولة .. نحن سلبنا الرجولة من كل شعوب الأرض إلًا من هذا الذي أبى أن يتنازل عن رجولته !! هذا وأتباعه الذين تربوا على يد ذاك الرجل الرجل ... إنه أسامة ، وليس غير أسامة ..
سلِّموا لنا أسامة قبل أن ندمّر بلادكم ... ماذا !! ما هذا الذي نسمعه !! كنا نظن أنْ لا رجل في الأرض غير أسامة !! من أين خرج لنا هذا الملّا "عمر" !! هذا "عمر" وذاك "أسامة" ، أليست هذه أسماء أتباع محمد الأوفياء وهذه فِعالهم !!
القتال القتال : "من لم يكن معنا فهو ضدنا" ، "هذه حرب صليبية" ، هكذا أطلقها بوش الصليبي الموتور ، وتبع دعوته الحكّام بكل صلف وغرور ..
رجع النصارى إلى قطعة الحكام فحرّكوها ليسجنوا آلاف الشباب المجاهد الراجع من البوسنة وأفغانستان والشيشان وكشمير وكوسوفا حتى لا يتوجّهوا إلى أفغانستان ثانية ، وأغلق الحكام الحدود ، وانطلقت الطائرات الأمريكية من جزيرة العرب لتقتل المسلمين في أرض الأفغان وتُدمّر تلك البلاد ..
ثم ماذا !! ليس في أفغانستان ثروات ولا غنائم !! لا بد لنا من غنائم !! أين !! كيف !! صدّام ... العراق ... النفط ... صدّام على علاقة بتنظيم القاعدة وهو يموّلهم ، وفوق هذا عنده أسلحة دمار شامل فيجب تدميره وإرساء الديمقراطية في العراق !! وكان دور الحكّام أن أوحوا للناس بأن صدّام بعثي كافر معتدٍ يجب التخلّص منه .. وكان ما كان !!
أليس هذا ما يحدث في غزة الآن !!
لم تكن القطع جميعها بيد النصارى ، فقد تحرك أحدهم قبل دخول النصارى العراق ، وعمل على تجنيد الرجال وتحريضهم على القتال ، وانتظر حتى دخل العدو بغداد وإعلانه نهاية الحرب ليقول له من جديد : كذبت عدو الله ، الآن حمي الوطيس .. ذلكم هو القائد المجاهد أسد الرافدين الأمير الهام "أبو مصعب الزرقاوي" رحمه الله وتقبله في الشهداء ..
أسدٌ ، دم الأسد الهزبر خِضابه ... موتٌ ، فريص الموت منه ترعَّدُ
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ، هذا هو قدَر مكر النصارى الأغبياء ، لم يحسنوا كعادتهم اختيار الفريسة ، وظنوا الأمر نزهة ، وأن العراق هي صدّام البعثي الكافر ، وإذا بقدَر الله يتجلّى في رجل أعاد للأمة سيرتها الأولى : سيرة الذّبح وقطع الرؤوس وضرب الأعناق والغلظة والشدّة والرجولة والإرهاب والرُّعب .. وهذه المرّة : ليس بينه وبين فلسطين إلّا دولة واحدة ، وهو يُعلن في كل مرة : "إننا نقاتل في العراق وعيننا على فلسطين" ، وأخذ يردد هذه الكلمات حتى أصاب شارون ما أصابه ، وحتى بلل بيريز ثيابه ..
لم يتنفّس اليهود الصعداء حتى أعلن النصارى مقتل أسد الرافدين في غارة عشوائية .. لم يجرؤ أحد الإقتراب من جثّته الطاهرة إلّا بعد ساعات خوفاً منه ورعبا ، وحينها لم يبقى حاكم نصراني أو مرتدّ إلّا واهتزّ طربا ، وتنفّس القوم الصعداء ليشهقوا بأنفاسهم بعدها بأيّام ، فقد أعلن المجاهدون قيام "دولة الإسلام" في العراق بقيادة ليث من ليوث التوحيد : عظيم الفعال كريم النسب ، ذلكم هو "أبو عمر الحسيني البغدادي" حفظه الله وأيّده بنصره ..
أقـلَّ بلاءً بالـرّزايا من القَنا ... وأقدمُ بين الجحْفلين من النّبل أعزّ بني الدنيا وليث إذا انبرى ... فإنه نصل والشّدائد للنّصل مقيم مع الهيجاء في كلّ منزل ... كأنّه من كلّ الصّوارم في أهل !!
أعاد النصارى أوراق لعبتهم ، وفكّروا في القطع التي عندهم فوجدوا قطعة الإعلام من جديد : الإرهاب ، الإرهاب ، الإرهاب .. العائدون من العراق ، العائدون من العراق ، العائدون من العراق .. التكفير ، التكفير ، التكفير .. التفجير ، التفجير ، التفجير .. الإنقلاب ، الإنقلاب ، الإنقلاب .. الجهل ، الجهل ، الجهل .. الإفتئات ، الإفتئات ، الإفتئات .. التنطّع ، التنطّع ، التنطّع .. الغلوّ ، الغلوّ ، الغلوّ .. أخذ الإعلام يردد هذه الكلمات لبضع سنوات حتى كادت تستقرّ في عقول الناس وتترسّخ في أذهان الحمقى من العوام بمكر الحكّام وعَمالة بضع من ينتسب للعلم زرواً وبُهتانا من المتسوّلين اللئام !! | |
|